مقدمة :
"
" إنتهى
ثم أما بعد :
الصمت ليس إلا كلام لم يقله أحد ..
أبحث عن صمت خام لم يتحول إلى كلام يوماً ما ..
ربما أي صمت سيفي بالغرض ، حتى لو كان صمتاً مستعملاً !
.
.
نمارس الحياة لأنها أقل كلفة من الموت ، ونحن مولعون في الغالب بالبحث عن الأشياء الرخيصة ، صحيح أنها ليست اختياراً بالمعنى الدقيق ، ولكنها شيء متاح ، وأصعب ما في الحياة أن الأحياء مضطرون أن يعيشوها ..
كنت مع أحد الأصدقاء وسألني لماذا لا أتكلم كثيراً ، وشعرت برغبة في التنظير والكلام عن الصمت وعن أنه كلام لا يسمعه أحد ولا يعني الصمت عدم وجود الكلمات .. الخ
ولكني خفت أن يسألني ماهو ذلك الكلام الذي لم أقله ،
وقراءة الصمت تعني ذبحه من الوريد للوريد ، أن يصبح شيئاً غير موجود ، من الصعب أن يكون الصمت هو أفضل ما نحتفظ به ثم نقدمه قرباناً على عتبة ثرثرة حمقاء !
قلت له أن الوحدة أفضل من وجودي مع شخص واحد فقط ، اشعر أني في هذه الحالة مضطر لأن أكون شخصاً مؤدباً أنتقي عبارات جميلة حين أتكلم ، وما هو أسوأ من ذلك أني سأكون مجبراً على الكلام .. حين يسأل فإني الوحيد الذي سيكون عليه الإجابة ، وحين يقول كلاماً حزيناً فإني سأكون مجبراً على انتقاء عبارات مواساة حمقاء لست مقتنعاً بها ، وحتى حين يقول نكاتاً سخيفة فإني سأكون مجبراً على الابتسام وحتى أنّي سأكون الوحيد المجبر على إخباره بأن ما قاله سخيف !
وأنا لست كذلك ، لست مؤدباً واقول كلاماً بذيئاً في أغلب الأحيان ولا أفكر كثيراً قبل أن أتحدث ..
حين نكون أكثر من إثنين فإن هناك فرصة سانحة لأكون أنا ، بكل بذائتي ، أو فرصة لأمارس صمتي بحرية لأني لن أكون الوحيد المجبر على ممارسة كل ردات الفعل الكلامية الممكنة وغير الممكنة !
.
.
كنت أخاف في زمن مضى من الخروج من المنزل ليلاً ، أخاف أن يسقط القمر على رأسي ، كنت أحترم رأسي كثيراً وأخاف عليه ، ولكن هذا الخوف تلاشى فلم أعد أملك رأساً جديراً بالاحترام ، ولم تعد الأقمار تسقط على روؤس الساهرين !
سألني أخي الصغير لماذا ترتفع البالونات في الهواء ،فقلت له لأنه يوجد بها غاز " الهيليوم " وهو أخف من الهواء ولذلك يرتفع عالياً ككل الأشياء الخفيفة !
أتى بعد عدة أيام يتحدث بصوت غريب وهو خائف ، وأخبرني أنه استنشق كل الغاز الموجود في بالونة كبيرة الحجم لأنه يريد أن يطير !
ولكنه فقد صوته الحقيقي ولم يغادر الأرض !
حاولت إقناعه بأنها لا يمكن أن يطير بواسطة هذا الغاز لأنه ليس فارغ من الداخل ، وأن بعض الكبار يمكنهم وحدهم أن يطيروا لأنهم في الغالب فارغون من الداخل ويمكن أن يرفعهم غاز الهيليوم أو الهواء الساخن إلى الأعلى !
إقتنع ولازال ينتظر أن يكبر ويصبح فارغ ويطير ..
أما أنا فقد اكتشتف أن استنشاق غاز الهيليوم يغير الصوت بشكل غريب ، واصبحت أشتري كثيراً هذه البالونات وأجرب أن أقراء صمتي بصوت مرتفع ..!
لقد أقنعت نفسي أن ذلك ليس صوتي ، وأني لست المذنب في حق صمتي !
[b]
"
" إنتهى
ثم أما بعد :
الصمت ليس إلا كلام لم يقله أحد ..
أبحث عن صمت خام لم يتحول إلى كلام يوماً ما ..
ربما أي صمت سيفي بالغرض ، حتى لو كان صمتاً مستعملاً !
.
.
نمارس الحياة لأنها أقل كلفة من الموت ، ونحن مولعون في الغالب بالبحث عن الأشياء الرخيصة ، صحيح أنها ليست اختياراً بالمعنى الدقيق ، ولكنها شيء متاح ، وأصعب ما في الحياة أن الأحياء مضطرون أن يعيشوها ..
كنت مع أحد الأصدقاء وسألني لماذا لا أتكلم كثيراً ، وشعرت برغبة في التنظير والكلام عن الصمت وعن أنه كلام لا يسمعه أحد ولا يعني الصمت عدم وجود الكلمات .. الخ
ولكني خفت أن يسألني ماهو ذلك الكلام الذي لم أقله ،
وقراءة الصمت تعني ذبحه من الوريد للوريد ، أن يصبح شيئاً غير موجود ، من الصعب أن يكون الصمت هو أفضل ما نحتفظ به ثم نقدمه قرباناً على عتبة ثرثرة حمقاء !
قلت له أن الوحدة أفضل من وجودي مع شخص واحد فقط ، اشعر أني في هذه الحالة مضطر لأن أكون شخصاً مؤدباً أنتقي عبارات جميلة حين أتكلم ، وما هو أسوأ من ذلك أني سأكون مجبراً على الكلام .. حين يسأل فإني الوحيد الذي سيكون عليه الإجابة ، وحين يقول كلاماً حزيناً فإني سأكون مجبراً على انتقاء عبارات مواساة حمقاء لست مقتنعاً بها ، وحتى حين يقول نكاتاً سخيفة فإني سأكون مجبراً على الابتسام وحتى أنّي سأكون الوحيد المجبر على إخباره بأن ما قاله سخيف !
وأنا لست كذلك ، لست مؤدباً واقول كلاماً بذيئاً في أغلب الأحيان ولا أفكر كثيراً قبل أن أتحدث ..
حين نكون أكثر من إثنين فإن هناك فرصة سانحة لأكون أنا ، بكل بذائتي ، أو فرصة لأمارس صمتي بحرية لأني لن أكون الوحيد المجبر على ممارسة كل ردات الفعل الكلامية الممكنة وغير الممكنة !
.
.
كنت أخاف في زمن مضى من الخروج من المنزل ليلاً ، أخاف أن يسقط القمر على رأسي ، كنت أحترم رأسي كثيراً وأخاف عليه ، ولكن هذا الخوف تلاشى فلم أعد أملك رأساً جديراً بالاحترام ، ولم تعد الأقمار تسقط على روؤس الساهرين !
سألني أخي الصغير لماذا ترتفع البالونات في الهواء ،فقلت له لأنه يوجد بها غاز " الهيليوم " وهو أخف من الهواء ولذلك يرتفع عالياً ككل الأشياء الخفيفة !
أتى بعد عدة أيام يتحدث بصوت غريب وهو خائف ، وأخبرني أنه استنشق كل الغاز الموجود في بالونة كبيرة الحجم لأنه يريد أن يطير !
ولكنه فقد صوته الحقيقي ولم يغادر الأرض !
حاولت إقناعه بأنها لا يمكن أن يطير بواسطة هذا الغاز لأنه ليس فارغ من الداخل ، وأن بعض الكبار يمكنهم وحدهم أن يطيروا لأنهم في الغالب فارغون من الداخل ويمكن أن يرفعهم غاز الهيليوم أو الهواء الساخن إلى الأعلى !
إقتنع ولازال ينتظر أن يكبر ويصبح فارغ ويطير ..
أما أنا فقد اكتشتف أن استنشاق غاز الهيليوم يغير الصوت بشكل غريب ، واصبحت أشتري كثيراً هذه البالونات وأجرب أن أقراء صمتي بصوت مرتفع ..!
لقد أقنعت نفسي أن ذلك ليس صوتي ، وأني لست المذنب في حق صمتي !
[b]